الهند: التاج محل «رمز الجمال» يحتاج إلى تجميل

اصفر لونه بسبب التلوث البيئي وحركة المرور حوله



أغرا (الهند): إيميلي فوكس*
حتى تاج محل، رمز الهند الوطني وصرحها الأثري البارز، يحتاج الى تجميل من حين الى آخر. إذ ان تلوث الجو وأثر السنين تسببا في تحويل لون تاج محل الى اصفر خفيف. وجاء في تقرير صدر هذا الاسبوع عن البرلمان الهندي انه قد تقرر تخصيص مبلغ 230000 دولار لإجراء عمليات تجميل ونظافة من أجل المحافظة على هذا الصرح التاريخي الذي يتوسط مدينة اغرا. جاء في التقرير ان اللون الأصفر الخفيف الذي تسبب فيه التلوث البيئي تواصل على الرغم من الجهود الحكومية للتقليل من حركة المرور وقفل المصانع القريبة. وتشير معلومات مختبر مراقبة تلوث الجو ان التلوث الذي يحدث بفعل الغبار والوقود المحروق يظل دائما بمستويات عالية في هذه المنطقة. وكانت الجهود الرامية الى المحافظة على تاج محل وحمايته من تلوث الجو قد بدأت قبل عقدين من الزمن تقريبا من خلال حملة بيئية التي ظل نشاطها يتزايد منذ ذلك الوقت في ما يطلق عليه حركة «الهند الخضراء». وكان نشطاء حماية البيئة في الهند، التي تشهد توسعا في المجال الصناعي، قد حاولوا معالجة عدة مشاكل بيئية، بما في ذلك الاحتباس الحراري والتلوث الذي تسببه السيارات وجفن النفايات الصناعية على نطاق واسع في مجاري المياه.
وكانت المحكمة الهندية العليا قد أصدرت قرارا قبل أكثر من عشر سنوات يلزم آلاف المصانع والمصانع الصغيرة ومواقع إنتاج الطوب القريبة من تاج محل.

ويتوافد على تاج محل خلال عطلات فصل الصيف أعداد كبيرة من الهنود والسياح، وتقدر جملة عدد الزوار بحوالي 3 ملايين شخص سنويا، أي ما يزيد على 8000 شخص يوميا. ويقول مهيش ميهات، وهو قانوني يعمل في مجال حماية البيئة في نيو دلهي، ان الحكومة اتخذت الكثير من الخطوات الايجابية، ولكن لا تزال هناك كثير من الاجراءات التي يجب اتخاذها للمحافظة على هذا الصرح التاريخي من أضرار التلوث. وظل ميهات يعمل على مدى عقود على إقناع الجهات المحاكم باتخاذ كل الخطوات والقرارات الضرورية لحماية تاج محل والمحافظة عليه. وقال ان تاج محل ليس تابعا للهند وحدها وإنما كنز عالمي تجب المحافظة عليه. ويقول ناشطون، ان المصانع غير القانونية لا تزال تظهر من حين الى آخر بالقرب من تاج محل، وأضاف ايضا ان الزيادة السكانية وعمليات التشييد المستمرة تساهم في ازدياد معدلات الأدخنة السوداء ونقص المياه، وهذه من المشاكل التي تعاني منها المدينة. وشيد تاج محل بمشاركة ما يزيد على 20 ألف من العمال والفنانين وبنائي الحجر قبل ما يزيد على 350 عاما من جانب حاكم موغال شاه جاهان كنصب تذكاري للحب يضم ضريح زوجته المفضلة، ممتاز محل.

وأكدت المعالجة التي اوصى بها التقرير الذي نشر الأسبوع الحالي على استخدام الطين المغطى بالكلس في النقوش المحفورة باللغة العربية في المبنى، والمنائر الدقيقة والديكور الزهري ذي التفاصيل المعقدة لإزالة التلوث في معالجة متعددة الخطوات تستغرق عدة اشهر.

وسيضع فنانو الصيانة المدربون وبطريقة منهجية الطين في كل بقعة من القصر، حيث يبقى النصب مفتوحا أثناء المعالجة، وفقا لما قاله دي. كي. بورمان المدير المشارك للسياحة في أغرا. وأدت معالجة سطحية اكملت قبل عامين الى تبييض ملحوظ. ويتعين تكرار الوجه الطيني كل سنتين او ثلاث سنوات من أجل إبقاء سطح الرخام نظيفا وفقا لما قاله بورمان.

وقال بورمان انه «كلما تحدث المرء عن الهند يقول: هل رأيت تاج محل الأجمل ؟ نحن مستعدون لفعل كل ما يتطلبه الأمر من اجل صيانة القصر».

وفي الأسابيع المقبلة ستقرر دائرة المسح الآثاري في الهند، تحت إشراف وزارة الثقافة، ما اذا كانت ترغب في اخذ التوصية.

وفي أغرا يعيش 10 في المائة من سكان المدينة الفقراء البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة على الصناعة الفندقية او بيع السلع بالمفرد، وهم يلهثون وراء السياح المتجهين سيرا على الأقدام الى تاج محل، متوسلين أن يعملوا كمرشدين سياحيين او عارضين سلعهم المرتبطة بالنصب التذكاري.

ويقول اصحاب المشاريع الصغيرة ان السيارات والعربات ذات العجلتين مسؤولة عن التلوث اكثر من المصانع. ويقول آخرون ان تاج محل يتلقى اهتماما كثيرا في مدينة يوجد فيها 250 من المواقع التاريخية التي غالبا ما يكون نصيبها التجاهل، سوية مع الشوارع التي تملؤها مياه المجاري والأسواق القديمة الآيلة الى السقوط التي تحتاج الى اعادة تجديدها من جانب الحكومة.

وتاج محل نفسه يطل على نهر يامونا الذي كان نهرا جميلا ذات يوم، وهو الان الممر المائي الأكثر تلوثا في الهند، بحيث ان السكان يجب ان يشتروا مياه الشرب الخاصة بهم.

وقال أنيل غويال رئيس غرفة الصناعة والتجارة في اغرا ان «تاج محل هو واحد من عجائب الدنيا السبع ولذلك فانه تراث هام بالتأكيد. غير ان الحكومة يجب ان تولي بعض الاهتمام بمعيشة الناس أيضا».